كومباني يلتزم فلسفته في اللعب!
غالباً ما يُمكن تلخيص كرة القدم في إحصائيات بسيطة، مثل تلك التي أثبتت أن بيرنلي كان أحد أكثر الفرق الممتعة في كرة القدم الإنجليزية الموسم الماضي. لقد كان بيرنلي، بقيادة المدير الفني الشاب فينسنت كومباني، الأكثر تسجيلاً للأهداف في دوري الدرجة الأولى الموسم الماضي، كما كان الأقل استقبالاً للأهداف، وحصد 101 نقطة في طريقه لتأمين عودته إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. ولسوء حظ كومباني، فإن جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مرور 12 جولة مختلفاً تماماً، حيث يحتل بيرنلي المركز قبل الأخير برصيد أربع نقاط، بعدما حققا انتصاراً وحيداً، وسجل تسعة أهداف واستقبلت شباكه 30 هدفاً. وأصبحت الأمور أكثر إثارة للقلق بعدما مُني بهزيمة أخرى أمام آرسنال السبت بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد. ويُعد بيرنلي أول فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز يخسر مبارياته الست الأولى على ملعبه، كما لم يحافظ على نظافة شباكه في أي مباراة في الدوري حتى الآن. وبالنسبة للأندية التي تواجه شبح الهبوط، دائماً ما تكون النتائج التي تحققها على ملعبها مهمة للغاية، والدليل على ذلك أن الأندية الثلاثة التي هبطت الموسم الماضي كانت هي الأقل تحقيقاً للفوز على ملعبها، وكان إيفرتون، الذي ضمن البقاء في اليوم الأخير، قد حقق الفوز على ملعبه ست مرات، أي أكثر بمرة واحدة من ليدز يونايتد وليستر سيتي. ولكي يحقق بيرنلي ستة انتصارات على ملعبه، سيكون بحاجة للفوز بما يقرب من نصف مبارياته الـ13 المتبقية له على ملعب «تيرف مور». لقد بدا الأمر وكأن كل شيء يسير على ما يرام الموسم الماضي بالنسبة لكومباني، الذي جعل الفريق يلعب بطريقة مختلفة تماماً بعد فترة المدير الفني السابق شون دايك. لقد كان بيرنلي يقدم كرة قدم ممتعة ومثيرة وهجومية، ولم تكن معظم أندية دوري الدرجة الأولى قادرة على إيقافه. وقدم اللاعبون الذين تعاقد معهم النادي مستويات مثيرة للإعجاب. كان اللاعبون المعارون، تايلور هاروود بيليس وإيان ماتسن وناثان تيلا أحد الأسباب الرئيسية للنجاح، ولم ينجح بيرنلي في تعويضهم بعدما رحلوا ولم يلعبوا مع الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. من الواضح للجميع أن كومباني متمسك بالتمريرات من الخلف، وهي الطريقة التي ساعدت الفريق على تحقيق نتائج رائعة الموسم الماضي. ويؤكد المدير الفني البلجيكي الشاب على أن مواصلة اللعب بهذه الطريقة سيقود بيرنلي لاحتلال مركز أفضل في جدول الترتيب، على الرغم من المشكلات التي يعاني منها حالياً. وتشير الإحصائيات إلى أن شيفيلد يونايتد، الذي يتذيل جدول الترتيب، هو الفريق الوحيد الذي تلقى أهدافاً أكثر من بيرنلي، لكن تخلي كومباني عن طريقته المعتادة والاعتماد على طريقة دفاعية سيكون بمثابة اعتراف بالفشل! وتعاقد بيرنلي مع 15 لاعباً في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، بتكلفة إجمالية تزيد عن 90 مليون جنيه إسترليني، حيث قدم النادي كل الدعم لكومباني مرة أخرى. وكانت الخطة تتمثل في التعاقد مع لاعبين جيدين من الدوريات الأوروبية المختلفة، وبالفعل ضم لاعبين من بلجيكا وفرنسا وسويسرا وإسبانيا، بالإضافة إلى لاعبين آخرين من إنجلترا. وأثبتت الصفقات القادمة من جينك وتروا وبازل وإسبانيول أنها ليست جاهزة للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان ناثان ريدموند، الذي انتقل لبيرنلي في صفقة انتقال حر من بشكتاش التركي، وحارس المرمى الاحتياطي لورانس فيغورو، هما الوحيدان اللذان لم يبلغا من العمر 25 عاماً أو أقل، وفق استراتيجية النادي التي تريد التعاقد مع لاعبين صغار في السن يمتلكون إمكانات جيدة، على أمل أن يتم تطويرهم وبيعهم بعد ذلك بمقابل مادي أكبر. لكن من المؤكد أن هذه الطريقة في التعاقدات الجديدة تنطوي على قدر كبير من المخاطرة، حيث أن هؤلاء اللاعبين الشباب بحاجة إلى بعض الوقت من أجل اكتساب الخبرات، وهو الأمر الذي دائماً ما يكون صعباً في دوري قوي وشرس مثل الدوري الإنجليزي الممتاز الذي لا يرحم.ومن بين جميع اللاعبين الجدد الذين تعاقد معهم بيرنلي في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، كان ريدموند ومايكل أوبافيمي وساندر بيرغ ودارا أوشي هم فقط من سبق لهم اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. لقد وجد اللاعبون الصغار في السن صعوبة كبيرة للغاية في التكيف مع سرعة وضغط المباريات، كما اتضح خلال المواجهات أمام مانشستر سيتي وتشيلسي وآرسنال. أن لوكاس كوليوشو، البالغ من العمر تسعة عشر عاماً، يقدم مستويات مثيرة للإعجاب منذ انضمامه لبيرنلي مقابل 3 ملايين جنيه إسترليني، ويعد أحد العناصر الواعدة في النادي، لكن هل يسعفه الوقت لمواصلة التألق في الدوري الأكثر صعوبة في العالم، أم أن فريقه سيهبط سريعاً إلى دوري الدرجة الأولى؟ يقول كومباني: «إننا في شهر نوفمبر، ولا يوجد شيء يمكنك القيام به، بل يجب أن ينصب تركيزك بالكامل على أن اللاعبين الموجودين لديك هم من سيقومون بالمهمة نيابةً عنك لدينا إدارة تعاقدات متميزة ستتابع دائماً ما نقوم به وستجري دائماً محادثات معنا حول ما يتعين علينا القيام به للوصول إلى الخطوة التالية، لكن هذه عملية مستمرة لا تتوقف أبداً». ضم بيرنلي حارس المرمى جيمس ترافورد من مانشستر سيتي وسط توقعات كبيرة للغاية بعد تألق اللاعب في دوري الدرجة الثانية مع بولتون والفوز ببطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاماً مع المنتخب الإنجليزي، لكنه وجد صعوبة كبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقرر كومباني إنفاق 19 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع ترافورد، الذي أكمل عامه الحادي والعشرين الشهر الماضي، على الرغم من أن آرو موريتش كان أحد أفضل اللاعبين في النادي الموسم الماضي. ويعتقد الكثيرون أن موريتش يجب أن يكون هو الحارس الأول للفريق الآن. وبالنظر إلى عدد اللاعبين الذين كان بيرنلي يسعى للتعاقد معهم خلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية وفشل بسبب المطالب المالية، فهناك حالة من الجدل الشديد بشأن ما إذا كان النادي بحاجة إلى إنفاق الكثير من الأموال للتعاقد مع حارس مرمى! لقد فشل النادي في ضم لاعب مميز في مركز الظهير الأيسر. لقد رفض ماتسن العودة، ولم يتعاقد النادي مع بديل له. دفع كومباني بثلاثة لاعبين - فيتينيو، وهانس ديلكروا، وكونور روبرتس - في هذا المركز في أول ثلاث مباريات في الدوري، لكن لم يكن هذا هو المركز الأصلي لأي منهم. في نهاية المطاف، قرر كومباني الاعتماد على الظهير الأيسر الوحيد في النادي، تشارلي تايلور، على الرغم من أنه لم يلعب أي مباراة مع الفريق حتى سبتمبر. وسيكون غياب الهداف الأول للفريق، لايل فوستر، الذي يُعالج من مشكلة تتعلق بالصحة الذهنية، خسارة كبيرة لكومباني، لكن يجب الثناء على النادي بسبب الموقف الجيد الذي اتخذه مع اللاعب. وقال كومباني: «في مثل هذه اللحظات، يتعين عليك أن تهتم بالنواحي الإنسانية في المقام الأول». ومن الواضح أن المدير الفني البلجيكي الشاب يولي أهمية كبيرة للتعاطف والتفاهم، رغم أنه يعمل في بيئة احترافية تنطوي على الكثير من الضغوط. لا يقتصر التدريب على وضع الخطط التكتيكية واختيار اللاعبين الجدد، ويُظهر كومباني كل القدرات التي تمكنه من أن يكون مصدر إلهام للتغيير نحو الأفضل. يعلم كومباني أن فريقه قد يكون قريباً من الهبوط، لذلك اتصل بعدد من المديرين الفنيين للحصول على المشورة، وكانت معظم التعليقات تشير إلى أن «تقديم مستويات ثابتة» يعد شرطاً أساسياً للبقاء، لكن من الواضح للجميع أن بيرنلي يفتقد لهذه السمة. وبعد الخسارة أمام آرسنال بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد السبت، فإن المباراتين اللتين سيلعبهما بيرنلي على أرضه أمام وستهام وشيفيلد يونايتد قد تحددان شكل الموسم بالنسبة للفريق. وإذا كان بيرنلي يريد حقاً تغيير الوضع الحالي، فإن الأمر يتطلب ما هو أكثر من المال والإدارة الذكية للمباريات، حيث يتطلب بعض الوقت، وهو العامل الذي غالباً ما يتم تجاهله في عالم كرة القدم!