منتخب مصر.. هل كان الخروج من كأس العرب مشرفًا؟
لم يعد السؤال اليوم: لماذا خرج منتخب مصر؟ بل أصبح: هل يملك هذا الفريق الحق في أن يوصف خروجه بأنه "مشرّف" أصلًا؟
الخسارة أمام دكة بدلاء الأردن بثلاثية نظيفة لم تكن مجرد هزيمة عابرة في بطولة عربية تُعد محطة مهمة لاختبار عمق المنتخبات، بل كانت صدمة. صدمة بحجم اسم مصر، بحجم التاريخ الذي صار يتلقى ضربات مجانية دون رد، وبحجم منتخب بدا وكأنه جاء إلى البطولة لتأدية واجب لا يمثل أحدًا سوى نفسه.
ثلاث مباريات بلا فوز. فريق يبحث عن نفسه. أداء بلا روح. نتائج بلا ملامح.. والتاريخ لن يرحم من تسبب في هذا المشهد الكارثي.
من أنتم؟ سؤال لم يعد تهكمًا بل تشخيصًا للواقع
حين يخرج فريق يرتدي قميص مصر بهذا الشكل، يصبح السؤال من أنتم؟ ليس مجرد غضب، بل وصفًا دقيقًا، فلا شيء في أداء المنتخب "الثاني" يوحي بأنه يمثل الكرة المصرية. لا روح، لا شخصية، لا استعداد. فقط مجموعة أُلقيت إلى بطولة قارية دون دعم، ثم طُلب منها أن تفوز.
حتى الخروج المشرف الذي اعتاد البعض التمسك به لم يعد مشرفًا.
ورغم كل الأعذار التي قالها المدرب حلمي طولان من عدم وجود وقت كاف للاستعداد بجانب إلقاء اللوم على رابطة الكرة المصرية التي رفضت تأجيل مباريات الدوري، تظل النتيجة أكبر هزيمة لمصر في تاريخ كأس العرب، وأول فوز أردني على الفراعنة في البطولة.
هذه معطيات لا يمكن أن تُعلق جميعها على شماعة "الظروف".
داخل الملعب هناك حقيقة مؤلمة، فأمام الأردن، بدا الفارق واضحًا: تنظيم مقابل عشوائية، قوة مقابل تردد، رغبة مقابل غياب كامل للروح.
وبدأت الأخطاء الدفاعية من الدقيقة الأولى، وانكشفت المساحات، وفقد المنتخب سيطرته على الوسط، ولم يظهر أحد قادرًا على تغيير الإيقاع أو حتى الحد من انهيار الفريق، والنتيجة 0-3 لم تكن مبالغًا فيها، بل ربما كانت رحيمة.
فهل كان الخروج مشرفًا؟ الإجابة بكل وضوح: لا، فالمشهد لم يكن مشرفًا لا فنيًا ولا إداريًا ولا حتى نفسيًا، ومهما كانت الظروف، يبقى ارتداء قميص مصر مسؤولية، لا مجرد مهمة عمل.
الخروج المشرف يتطلب أداءً يُقاتل، روحًا تُحارب، محاولة أخيرة تُظهر أنك حاولت، أما ما حدث فكان خروجًا بلا شكل ولا معنى، أقرب إلى استسلام إداري قبل أن يكون هزيمة فنية.
ختامًا.. لا تحتاج الكرة المصرية اليوم إلى جلد لاعب أو إقالة مدرب فقط، بل إلى مواجهة شجاعة للسؤال الذي حاول طولان إلقاءه في وجه الجميع: "من المسؤول الحقيقي؟ ومن سمح بوصول منتخب مصر إلى هذه النقطة؟"
حتى نُجيب عن ذلك بصدق، سيظل السؤال معلقًا، وسيظل هذا الخروج أبعد ما يكون عن "الشرف".