سعيد المسند.. مسيرة من الإنجازات مع المنتخبات القطرية
بعد صراع طويل مع المرض توفي سعيد المسند عميد المدربين الوطنيين القطريين لكرة القدم وأحد أركان النهضة الرياضية القطرية، الذي أطلق عليه لقب صانع الفرح لدى الجماهير بعدما تألق في العديد من المحافل الدولية سواء مع منتخبات الناشئين أو المنتخب الأولمبي أو المنتخب الأول، وكان حجز الأساس في غالبية الإنجازات الكروية القطرية. وفي مسيرة دامت نحو أربعين عاما، كان اسمه يتردد خلالها في جنبات المستطيل الأخضر، قدم المسند الكثير للساحرة المستديرة وحصل مقابل هذا العطاء حب الجماهير وحروف التاريخ الذي سجل اسمه بين عمالقة الرياضة القطرية، حيث كانت اسهاماته واضحة في العديد من الإنجازات الكروية على المستوى التدريبي، بعدما قاد المنتخب لحصد لقب دورة الألعاب الآسيوية عام 2006، كما ساهم في حصوله على كأس الخليج العربي 3 مرات أعوام 1992 و2004 و2014، وكذلك لقب بطولة الصداقة الدولية عام 2018، واخيرا كأس آسيا 2019. وبدأ المسند مسيرته الكروية صغيرا يداعب الكرة المستديرة في ملاعب الفرجان ومع فريق مدرسة الخور، والذي قاده للفوز بلقب دوري المدارس، ليحصل وقتها على لقب أفضل لاعب ويلمع اسمه وشهرته لينضم بعدها وهو في السابعة عشرة من عمره، إلى صفوف فريق الخور (التعاون سابقا) في ستينيات القرن الماضي، وكان وقتها الفريق يلعب في دوري الدرجة الثانية. وعن شغفه بكرة القدم، قال المسند، خلال إحدى مقابلاته السابقة، إن حياته كلها قضاها في كرة القدم، وان عشقه لكرة القدم كان بالفطرة، حيث كان مولعا بلعب كرة القدم في كل الأوقات، وكان بعد التدريبات يظل في الملعب يتدرب على الكرات الثابتة والجمل التكتيكية، وانه حبه لوطنه جعله يتقن كرة القدم ويسعى لخدمة بلاده في هذا المجال. واستمرت مسيرته كلاعب نحو 17 عاما، قاد خلالها الخور للفوز بكأس الدرجة الثانية والتأهل لدوري الدرجة الأولى، ومن ثم التأهل إلى نهائي كأس الأمير، ومن ثم تواصلت مسيرته كلاعب سواء مع فريق السد أو المنتخب الأول او المنتخب العسكري، حيث قدم الكثير للكرة القطرية قبل أن يواصل إبداعه مدربا بعد ذلك. وحصل خلال فترة تواجده كلاعب في الملاعب على دعم معنوي ومادي كبير من المسؤولين الرياضيين والقيادات في الدولة، تمثل في قيامه بدراسات في التدريب وحصوله وهو لاعبا على دورات تدريبية دولية في البرازيل وإنجلترا وألمانيا. وتمتع المسند بشخصية قيادية رافقته منذ صغره عندما كانت تسند له أدوار ومسؤوليات القيادة عندما كان لاعبا في صفوف نادي الخور، وهي نفس السمات والصفات التي أهلته أن يتولى مسؤوليات اللاعب والمدرب في وقت واحد، وكذلك تولي تدريب المنتخبات القطرية المختلفة. ومسيرته كمدرب بدأت في ثمانينيات القرن الماضي كمدرب مساعد مع المدرب البرازيل الشهير إيفاريستو دي ماسيدو، بعدها ساهم في قيادة المنتخب الناشئين إلى نهائيات كأس العالم تحت 17 عام عامي 1985 في الصين و1999 في نيوزيلندا، ورغم تدريبه لمنتخب الناشئين إلا أنه لم يعتزل كرة القدم، وبقي لاعبا للأندية وكانت واحدة من الحالات النادرة التي يكون فيها اللاعب مدربا. ومن أبرز المدربين الأجانب الذين عمل معهم، واثروا في مسيرته التدريبية خلال فترة تواجده مع المنتخبات الوطنية، كل من البرازيلي إيفاريستو دي ماسيدو، والهولندي الهولندي يوهانسون جو بونفرير، والأوروجوياني خورخي فوساتي، والفرنسي برونو ميتسو، والبوسني جمال الدين موسوفيتش. وتولي المسند تدريب المنتخب الأول لكرة القدم بعد إقالة المدرب الفرنسي فيليب تروسيه، حيث قاد المنتخب في نهائيات كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم في الصين عام 2004، وقدم مع المنتخب مستويات فنية عالية حيث تعادل وقتها مع البحرين (1-1)، وخسر بصعوبة من الصين الدولة المضيفة (صفر-1) بهدف في الدقائق الأخيرة، وأخفق وقتها المنتخب في التأهل للدور الثاني بعدما خسر مباراته الأولى مع تروسيه أمام اندونيسيا (1-2). وبعدها عمل مع المدرب البوسني جمال الدين موسوفيتش في تدريب المنتخب الأول، وساهم في الفوز بلقب بطولة كأس الخليج عام 2004 التي أقيمت في قطر بعد الفوز على عمان بركلات الترجيح (5-4) بعد التعادل في الوقت الأصلي والإضافي (1-1). وبعد مسيرته المهنية التي امتدت لنحو 40 عاما، شارك خلالها في تدريب وتأهيل ثمانية أجيال من لاعبي كرة القدم الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ الكرة القطرية والعربية، واصل المسند المسيرة كونه المستشار الفني للمنتخبات القطرية، وبات أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في تاريخ كرة قدم القطرية، وكان أحد المساهمين ببصمته في إنجاز تتويج المنتخب الأول بلقب كأس آسيا لكرة القدم 2019. واعتمد المسند في خلفيته الاستشارية التقيمية الفنية للمنتخبات القطرية على مجموعة من الأركان الاكاديمية والميدانية، منها الحصول على أعلى الشهادات التدريبة على مستوى المدربين المحترفين، والرصيد الذي يمكن أن يكون الأعلى على مستوى المدربين بعد سنوات طويلة مع المنتخبات، خرج منها بخلاصة مزاملة الصفوة من المدربين العالميين، وتقديم صورة مختصرة للكفاءة التدريبية القطرية، وهو ما جعل الاتحاد القطري يستعين به للاستفادة من خبراته وتجاربه في تقديم المزيد من الحلول والخيارات لتطوير الكرة القطرية. وبعد إرث كبير من الخبرات التدريبية التراكمية في مشوار قارب من الأربعين عاما، نهل خلاله من العلوم التدريبية والاستشارية في مجالات وجوانب مختلفة، بات المسند أحد أبرز الأسماء الخبيرة ليس على مستوى كرة القدم القطرية فحسب وإنما الكرة الخليجية والعربية والآسيوية.