من ذاكرة المونديال: نسخة 94.. السامبا ترقص في الأراضى الأمريكية!
رغم أن كرة القدم لم تكن تحظى بشعبية طاغية في الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت لم يتردد الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) في منح هذا البلد حق استضافة النسخة الـ15 من بطولات كأس العالم (مونديال 1994).
وحسم الملف الأمريكي المنافسة مع منافسيه البرازيلي والمغربي في الجولة الأولى من عملية التصويت التي جرت باللجنة التنفيذية للفيفا في 4 يوليو 1988 بمدينة زيوريخ السويسرية في ظل جاهزية الملاعب وعدم الحاجة لإنفاق مبالغ طائلة من أجل الاستضافة.
و ساهم في اتخاذ الفيفا هذا القرار النجاح الهائل الذي حققته دورة الألعاب الأولمبية (لوس أنجلوس 1984) خاصة مسابقة كرة القدم التي اجتذبت مشاهدة تلفزيونية طاغية في العالم كله.
وكان الشرط الوحيد الذي وضعه الفيفا ووافق عليه مسؤولو الملف الأمريكي هو ضرورة إقامة دوري للمحترفين بهذا البلد.
وبالفعل تأسست رابطة دوري المحترفين الأمريكية لكرة القدم وبدأت البطولة بشكل رسمي وفعلي في السنوات التالية.
و بعدما رأى عشاق ومحللو كرة القدم أن نسخة 1990 من بطولات كأس العالم لم تقدم المستوى الفني المأمول، كانت نسخة 1994 مثيرة وممتعة إلى حد كبير في ظل عودة المنتخب البرازيلي للظهور بشكل متميز في بطولات كأس العالم وتتويجه باللقب عن جدارة.
كما قدمت منتخبات أخرى عديدة مستويات قوية مثل إيطاليا والسويد والسعودية ونيجيريا وبلغاريا ورومانيا إضافة للمنتخب الأمريكي الذي اجتاز الدور الأول.
و توزعت المنتخبات الـ24 المشاركة في البطولة على المجموعات الـ6 بواقع 4 منتخبات في كل منها وبواقع 13 مقعدا لأوروبا و4 مقاعد لأمريكا الجنوبية ومقعدين لآسيا ومثلهما للكونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) فيما ارتفع نصيب أفريقيا من المقاعد إلى 3 بعد المفاجأة التي قدمها منتخب الكاميرون في نسخة 1990.
وكانت المفاجآت حاضرة بقوة منذ الدور الأول ففي المجموعة الأولى على سبيل المثال، قدم المنتخب الروماني بقيادة نجمه جورجي هاجي مستويات قوية وتصدر المجموعة أمام المنتخب السويسري فيما كانت المفاجأة الكبيرة في فوز المنتخب الأمريكي على نظيره الكولومبي الذي كان مرشحا للمنافسة على اللقب في هذه البطولة.
ومنح هذا الفوز المنتخب الأمريكي تأشيرة التأهل للدور الثاني فيما ودع المنتخب الكولومبي البطولة من الدور الأول.
وفي المجموعة الثانية، وبعد هزيمتين متتاليتين أمام البرازيل والسويد، حقق المنتخب الروسي الفوز الكبير 6-1 على الكاميرون والذي كان بحاجة إليه ليكون ضمن أفضل المنتخبات صاحبة المركز الثالث ويتأهل للدور الثاني فيما خرج المنتخب الكاميروني مبكرا.
وفيما لم يظهر المنتخب الكاميروني بالمستوى المتوقع منه، كان المنتخب النيجيري المفاجأة الأفريقية في هذه النسخة بعدما فاز على بلغاريا 3-0 وعلى اليونان 2-0 وخسر بصعوبة أمام الأرجنتين 1-2 ليتصدر مجموعته على حساب بلغاريا والأرجنتين اللتين تأهلتا معه من المجموعة الرابعة إلى دور الـ16.
وفي المجموعة السادسة، كان المنتخب السعودي المفاجأة بعدما تغلب على نظيره البلجيكي بهدف تاريخي لنجمه سعيد العويران الذي اجتاز 6 من لاعبي بلجيكا في طريقه لتسجيل الهدف ليتأهل المنتخب السعودي برفقة نظيريه الهولندي والبلجيكي من هذه المجموعة فيما ودع المنتخب المغربي البطولة من الدور الأول.
وشهد الدور الأول اكتشاف تعاطي الأسطورة الأرجنتيني دييجو مارادونا للمنشطات ليستبعد مبكرا من البطولة وتكون النهاية المأساوية لمسيرة النجم الراحل مع منتخب بلاده.
وواجه المنتخبان البرازيلي والإيطالي صعوبة بالغة في اجتياز المنتخبين الأمريكي والنيجيري على الترتيب في الدور الثاني لكن فارق الخبرة حسم المواجهتين من خلال هدف للبرازيلي بيبيتو وثنائية من الإيطالي روبرتو باجيو كما أطاح المنتخب البلغاري بنظيره المكسيكي عبر ركلات الترجيح.
وفرضت الصبغة الأوروبية نفسها على دور الثمانية في المونديال بوجود 7 منتخبات أوروبية في مواجهة المنتخب البرازيلي الذي حافظ على وجوده في مواجهة هذه الهيمنة الأوروبية بفضل الثنائي الهجومي الذهبي روماريو وبيبيتو حتى بلغ النهائي أمام المنتخب الإيطالي.
وفي النهائي اصطدم الفريقان بهجومهما القوي ودفاعهما المتميز، وظل التعادل السلبي هو سيد الموقف على مدار 120 دقيقة هي زمن الوقتين الأصلي والإضافي للمباراة ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي حسمت المواجهة لصالح البرازيل لتتوج بلقبها العالمي الرابع وتنفرد بالرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب.
وأهدر دانييلي ماسارو وروبرتو باجيو ركلتي الترجيح الرابعة والخامسة لإيطاليا ليفوز المنتخب البرازيلي 3-2 دون الحاجة لتسديد الركلة الخامسة ما أصاب باجيو بحالة حزن شديدة مع صفارة الحكم بنهاية اللقاء خاصة وأنه كان أبرز نجوم إيطاليا في هذه النسخة.