صيف حاسم في إنتر ميلان

يخوض نادي إنتر ميلان الإيطالي صيفًا بالغ الأهمية، وربما يكون الأكثر حساسية في السنوات الأخيرة، وذلك عقب رحيل المدير الفني سيموني إنزاجي نحو نادي الهلال السعودي، في خطوة شكلت منعطفًا كبيرًا في مستقبل الفريق على المستويين الفني والإداري. رحيل إنزاجي، الذي أصبح النجم الأول للفريق بفضل رؤيته التكتيكية الصارمة وقدرته على استخراج أفضل ما لدى لاعبيه، ترك فراغًا يصعب ملؤه، خاصة أن المنظومة التي بناها كانت تعتمد على فلسفته أكثر من اعتمادها على أسماء النجوم. لطالما عانى إنتر ميلان من واقع اقتصادي صعب فرض على الإدارة اللجوء إلى صفقات منخفضة التكلفة والبحث عن المواهب بأسعار زهيدة. وكانت فلسفة النادي واضحة: تكوين فريق قادر على المنافسة بأقل تكلفة ممكنة، ما جعل من إنزاجي محور المشروع الفني بأكمله. لقد نجح المدرب الإيطالي في تثبيت أسلوب لعب منظم، بحيث أصبح من الممكن استبدال اللاعبين دون التأثير الكبير على جودة الأداء الجماعي، رغم التفاوت في الإمكانيات الفردية. وفي هذا السياق، جاء قرار تعيين الروماني كريستيان كيفو مديرًا فنيًا للفريق الأول بمثابة محاولة للحفاظ على هذا الإرث التكتيكي. فكيفو، الذي يمتلك تجربة جيدة في فرق الشباب داخل النادي، يُنظر إليه على أنه القادر على مواصلة العمل بنفس الخطط والمبادئ مع إدخال تطورات تدريجية تعكس شخصيته التدريبية. سيواجه كريستيان كيفو تحديات ضخمة في تجربته الأولى على هذا المستوى، إذ لم يسبق له العمل في قيادة فريق بالنخبة الأوروبية. لكن يُحسب له إدراكه لحساسية المرحلة، إذ أبدى منذ توليه المهمة التزامه باحترام منظومة إنزاجي والبناء عليها دون المساس بجوهرها. وهي نفس المقاربة التي تبناها إنزاجي عند خلافته لأنطونيو كونتي، والتي حققت نتائج مرضية آنذاك. من ناحية أخرى، تتمثل أبرز أولويات الإدارة هذا الصيف في الحفاظ على ركائز الفريق، مثل نيكولو باريلا، وأليساندرو باستوني، والقائد لاوتارو مارتينيز، الذين يشكلون العمود الفقري للتشكيلة. كما تسعى الإدارة إلى تجديد دماء الفريق وتخفيض متوسط أعمار اللاعبين، الذي يقترب حاليًا من الثلاثين عامًا، ما يتطلب استراتيجية ذكية في سوق الانتقالات في ظل الإمكانيات المالية المحدودة. ويشارك إنتر ميلان مؤخرًا في كأس العالم للأندية بصيغتها الجديدة، حيث خاض مباراته الأولى أمام باتشوكا المكسيكي وانتهت بالتعادل، في نتيجة خيبت آمال الجماهير. ثم حقق فوزًا بشق الأنفس على أوراوا الياباني. ورغم أن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم على مستوى الفريق تحت قيادة كيفو، إلا أن الأداء أظهر أن الطريق ما زال طويلًا أمامه لتحقيق الانسجام الكامل وبناء هوية فنية متماسكة.


  أخبار ذات صلة