أكاديمية أسباير منجم المواهب والرافد الأول لمنتخب قطر

 

على خطى أشهر أكاديميات كرة القدم الأوروبية والعالمية وأعرقها، استطاعت أكاديمية أسباير في قطر خلال العقدين الماضيين نحت اسمها ضمن أقوى الأكاديميات الرياضية في الشرق الأوسط والعالم لاكتشاف الرياضيين القطريين والمساعدة في تطويرهم.
وسطع نجمها عالميا من خلال أسماء لامعة على غرار المعز علي، وأكرم عفيف، وعبدالكريم حسن، صنعت أمجاد المنتخب القطري لكرة القدم خاصة بعد تتويجه عن جدارة واستحقاق بطلا لكأس آسيا 2019 بالإمارات، وهي أيضا من ركائز الأدعم الذي سيدخل غمار مشاركته للمرة الأولى في تاريخه في كأس العالم.
تتويج قطر بلقب كأس آسيا 2019 كان لأول مرة في تاريخها، في مفاجأة قوية خاصة وأنه لعب بدون جمهوره، لينجح على إثره في ترك بصمته على الساحتين العالمية والقارية ويقتحم لاعبوه أبواب النجومية من بابها الكبير في أكثر لعبة شعبية في العالم بجيل جديد أحرج كبار قارة آسيا.
إنجازات المنتخب القطري طرحت العديد من التساؤلات حول سر هذا النجاح، والإجابة حملت عنوانا وحيدا "أكاديمية أسباير" أو كما يحلو للجميع تسميتها "مصنع النجوم"، فيما وصفها كثيرون بأنها حجر الأساس في نجاحات المنتخب القطري، لاسيما بجيل مميز من اللاعبين ترعرعوا ونشؤوا مع بعضهم البعض منذ صغرهم في الأكاديمية.
أنشئت الأكاديمية عام 2004، ضمن استراتيجية قطر في التحول إلى دولة رائدة في المجال الرياضي، وبهدف اكتشاف الموهوبين في سن مبكرة، وتطوير مهاراتهم عبر توفير المناخ الرياضي والدراسي لهم.
وتعتبر أكاديمية أسباير الأكاديمية الرياضية الوطنية المعترف بها عالميا، والتي تهدف إلى تنمية المواهب الرياضية الشابة وتخريج رياضيين متفوقين في قطر، حيث لا يقتصر دورها على اكتشاف المواهب في كرة القدم فقط وإنما في مختلف الرياضات.
وتوفر الأكاديمية برامج ومنشآت رياضية ذات شهرة عالمية تعد رمزا للطموحات الرياضية لدولة قطر، إذ تضم مدرسة خاصة و12 ملعبا لكرة القدم، وأكبر صالة رياضية مغطاة ومكيفة في العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تحتوي الأكاديمية على مسبح أولمبي لمنافسات السباحة والغطس، وملعب داخلي لألعاب القوى داخل الصالات، وملعب كرة قدم داخلي بمواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، وملاعب لكرة الطاولة، وملاعب إسكواش وملاعب متعددة الاختصاصات للرياضات المتعددة، وملعب لرياضة المبارزة، وآخر للجمباز.
كما تشمل الخدمات المتوفرة في الأكاديمية عددا من صالات الجيم، ومركزا لتطوير أداء وعلوم كرة القدم بمواصفات تقنية عالمية في مجال علوم الرياضة وتطوير الأداء، ومبنيين للسكن الطلابي مجهزين على أعلى مستوى، ومطعما وعيادة طبية مجهزة بأحدث التجهيزات لتقديم الإسعافات الأولية، ومكتبة، وقاعات للمحاضرات، والاجتماعات.
وفي يونيو الماضي، احتفلت الأكاديمية بتخريج الدفعة الخامسة عشرة من طلابها الرياضيين، ليصل بذلك عدد خريجيها إلى 650 رياضيا منذ تأسيسها، أكثر من نصفهم في كرة القدم، كما شكلت رافدا بارزا لتعزيز الأندية القطرية والمنتخبات الوطنية بلاعبين أفذاذ غيروا خريطة الرياضة القطرية قاريا وعالميا.
ومن ألمع أولئك النجوم المعز علي هداف كأس آسيا في نسخته الأخيرة برصيد 9 أهداف وأفضل لاعب في البطولة، وسعد الشيب أفضل حارس باستقبال شباكه هدفا وحيدا، وأكرم عفيف صاحب الرقم القياسي في التمريرات الحاسمة في البطولة وأفضل لاعب آسيوي عام 2019، فضلا عن عبدالكريم حسن الحائز على جائزة أفضل لاعب آسيوي عام 2018.
وإلى جانب الرباعي، نجحت الأكاديمية في تقديم كل من بسام الراوي، ويوسف حسن، وأحمد علاء، وهمام الأمين، وعاصم ماديبو، وطارق سلمان، وسالم الهاجري، وعبد الرحمن فهمي، وخالد منير، وتميم المهيزع، ومحمد البكري، وأحمد معين، وأحمد السعدي، وغيرهم من اللاعبين الذين أسهموا في نجاحات فرقهم.
ففي نسخة كأس آسيا 2019 شارك 15 لاعبا من خريجي الأكاديمية في كتيبة العنابي التي عادت باللقب للدوحة من الإمارات، وكانوا أيضا القوام الأساسي لمنتخب قطر الفائز ببطولة آسيا للناشئين عام 2014.
ومع اقتراب صافرة بداية منافسات كأس العالم FIFA قطر 2022، فإنه من المتوقع أن تضم التشكيلة الرسمية للمنتخب بقيادة المدرب الإسباني فليكس سانشيز 19 لاعبا من خريجي الأكاديمية.
وسيكون نجوم العنابي على موعد آخر مع كتابة تاريخ جديد لهم، رافعين راية التحدي عاليا رغم وجود منتخبات عملاقة جاءت خصيصا للمنافسة على خطف اللقب إسهامات أكاديمية أسباير لم تتوقف عند تكوين نجوم كبار في كرة القدم فحسب، وإنما شملت تخريج رياضيين آخرين متألقين ومتوجين بألقاب عالمية وقارية في رياضات متعددة كألعاب القوى من أبرزهم معتز برشم بطل العالم والأولمبياد في الوثب العالي، وأبو بكر حيدر بطل آسيا في سباق 800 متر في 2019، وعبدالله التميمي في الإسكواش، وأشرف الصيفي في رمي المطرقة، ومعاذ إبراهيم في رمي القرص، وباسم حميدة في 400 متر حواجز، وأواب بارو في سباق 110 أمتار حواجز.
كما تعمل الأكاديمية خلال السنوات الماضية على تكوين جيل من النجوم الصاعدين في المبارزة وتنس الطاولة والسباحة وغيرها من الرياضات.
وتجدر الإشارة في هذا السياق أيضا إلى صانع جيل أسباير الإسباني فيليكس سانشيز الذي بدأ مشواره مع عنابي الشباب وحقق معه لقب كأس آسيا تحت 19 عاما، قبل أن يكمل مهمته الثانية بالصعود لكأس العالم للشباب في نيوزيلاندا عام 2015.
وفي عام 2019 بدأت فصول رواية جديدة وبعد نجاح تجربته مع منتخب الشباب وفوزه ببرونزية أمم آسيا تحت 23 عاما، فرض الإسباني نفسه بقوة ليتولى قيادة المنتخب القطري الأول ويعانق المجد بمنح قطر لقب كأس آسيا لأول مرة في تاريخها.
وأكد سانشيز في تصريحات سابقة أن "قطر لديها خطة تطوير كروية رائعة، وبالتأكيد أكاديمية أسباير واحدة من أسباب هذا التطور، عديد اللاعبين نشؤوا هناك وعملت الأكاديمية على تطويرهم، ومن ثم أكملت أنديتهم المسيرة، وما وصل إليه المنتخب نتاج عمل جماعي، فبالتخطيط الجيد يمكن أن نحقق نجاحات".
ولم يخيب هذا الجيل اليافع وغيرهم من النجوم الآخرين الذين احتضنتهم الأكاديمية وساهمت في صقل موهبتهم، الآمال ونجحوا في رد الجميل بلقب سيبقى راسخا في مخيلتهم. كما أن خطط دولة قطر في المجال الرياضي والنظرة الثاقبة للمسؤولين كانت في محلها، بعد إدراكهم أن بناء منتخب مميز يحقق الألقاب ويرفع اسم قطر عاليا يبدأ من الاهتمام بالناشئين، وليس مجرد الاهتمام بالمنتخب الأول فحسب.
فقطر نسجت خيوط الأمل والنجاح وفقا لاستراتيجية رياضية واضحة المعالم اعتمدت فيها على التخطيط الطويل لتجهيز جيل قادر على تشريف الرياضة القطرية عامة ومقارعة الكبار في مختلف الرياضات الجماعية والفردية.
جيل أكاديمية أسباير المميز الذي خطف الأنظار وجعل أبرز نجوم الساحرة المستديرة يشيدون بأدائهم ويصفون الأكاديمية بأروع العبارات، على غرار تشافي هيرنانديز لاعب ومدرب السد القطري السابق وبرشلونة الإسباني حاليا الذي قال "إنها مكان رائع، أنا سعيد أنني جزء من هذا المشروع الضخم.. العمل مع الشباب الموهوبين مسؤولية كبيرة، وأنا سعيد للغاية بالعمل معهم.. انظر إلى مقدار الجهد والطاقة المبذولين للخروج بأفضل النتائج، إنه لأمر رائع".
من جانبه تحدث الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم نادي باريس سان جيرمان أيضا عن الأكاديمية عند زيارتها قائلا: "لقد زرت العديد من دول العالم طوال مسيرتي وشاهدت العديد من الأكاديميات، لكن لا يمكن مقارنة أي منها بما هو موجود هنا"، وأضاف : الأولاد القطريون محظوظون بما هو متاح تحت تصرفهم، وأعتقد أنها ستكون أكبر في المستقبل.
فيما نوه أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه بدور الأكاديمية حينما قال عنها: هناك سبب لإيماني بمشروع الأكاديمية، كنت في مثل عمر هؤلاء الشباب عندما بدأ حلم حياتي بأن أكون لاعب كرة قدم، يجب علينا أن نوفر لهم الفرصة التي افتقدتها، لقد منحتني كرة القدم الكثير وحان دوري الآن لأعطيها شيئا.


  أخبار ذات صلة