للتجديد ثمن.. وللعنابي مستقبل
** من حقّ كل من يعشق الكرة القطرية أن يغضب ويتألم ويشعر بالخيبة بعد النتائج غير المأمولة في بطولة كأس العرب. فالعاطفة الرياضية جزء أصيل من جمال اللعبة، وهي التي تصنع هذا الوهج الكبير حول منتخبنا. لكن وسط هذه الموجة من الحزن، ينبغي ألا نغفل حقيقة جوهرية: التجديد له ثمن، والإحلال لا يمر بلا مطبّات، وتغيير جلد المنتخب يحتاج وقتًا وصبرًا وثقة. ** المنتخب القطري اليوم يدخل مرحلة انتقالية، تتشكّل فيها هوية جديدة تقوم على مزيج من الخبرة والشباب. وفي ظل الإصابات المؤثرة التي ضربت التشكيلة، وجد المدرب الإسباني صاحب الخبرة والسيرة الذاتية الرفيعة نفسه أمام مهمّة صعبة في وقت ضيق. ومع ذلك، فإن الحكم عليه من خلال بطولة واحدة، أو من خلال موقف عابر، لا ينسجم مع منطق التطوير، ولا مع ما يسعى إليه المسؤولون من رؤية بعيدة تتجاوز اللحظة ومزاج الجمهور. ** في الثقافة الرياضية، هناك دائمًا فجوة بين رغبة الجماهير وقرارات الإدارة. الجماهير تفكر بالعاطفة، وهذا حقها. أما الإدارة ففكرها شمولي ومؤسسي ورؤية مستقبلية، وبخارطة كبيرة تتضمن إعدادًا مستدامًا لكأس العالم المقبل، وليس لمباراة أو بطولة قصيرة. ولهذا، فإن القرارات لا تُتخذ على وقع ردود الفعل، بل تُبنى على تقييمات منهجية تقوم بها لجان فنية مختصة. ** لم يكن العنابي مرشحًا رئيسيًا للفوز بكأس العرب، رغم الطموح الكبير وتوفير كافة متطلبات الفوز والتفوق، والدعم الجماهيري الهائل، لكن أرض الميدان لها أحكامها. ومع ذلك، فإن البطولة كشفت عن مواهب واعدة وبعض العناصر الشابّة التي تحتاج فقط للثقة والمزيد من خبرة المباريات الدولية وهي ما يعوّل عليه الجهاز الفني في بناء شخصية المنتخب الجديد. ** فالكرة القطرية أثبتت دائمًا أنها ولّادة بالمواهب، وأنها قادرة على صنع جيل جديد كلما دعت الحاجة. السؤال المطروح اليوم: هل الخلل في المدرب أم في الأدوات؟ الحقيقة أن المسؤولية مشتركة، لكن الأهداف الكبرى وعلى رأسها الظهور المشرف في كأس العالم 2026 ضمن مجموعة صعبة لكنها ليست مستحيلة، تتطلب منح المدرب الوقت، ومصارحات فنية عميقة، ومعالجة النواقص بعمل مؤسسي هادئ لا تسيره العواطف. * آخر نقطة.. جماهير العنابي الأوفياء، الغضب مشروع، والانتقاد حق، لكن هدم الثقة ليس حلًا. وواجبنا الآن أن نقف خلف منتخبنا ومدربه، وأن نمنح مشروع التجديد حقّه من الوقت. فالمستقبل يحمل الكثير، واللاعبون الشباب أمامهم فرصة ليكونوا نجوم الغد، بفضل دعمكم ودعم المسؤولين. العنابي سيعود… لأنه دائمًا كان يعود.