رهان ريال مدريد على ألونسو

missing
محمود حسن

"حين تُعرض عليك فرصة تدريب ريال مدريد، لا يمكنك أن تقول لا... هذا مستحيل".

هكذا نُقل عن تشابي ألونسو، وفقاً لتقارير ألمانية، أنه أخبر بعض مسؤولي باير ليفركوزن عند تجديد عقده العام الماضي أنه سيغادر فوراً إذا جاء نداء من سانتياغو برنابيو.

اليوم، تبدو كل المؤشرات وكأنها تشير إلى لحظة الحسم: ريال مدريد يريد ألونسو، والفرصة التي لطالما انتظرها النجم الإسباني باتت قاب قوسين أو أدنى. لكن، هل هو الرهان الصحيح؟ وهل يملك فعلاً ما يؤهله لتولي دفة القيادة في وقت يعيش فيه النادي أزمة فنية مع المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي؟

الصحافة الإسبانية، كما فعلت سابقاً مع تشافي هيرنانديز، بدأت تروّج لألونسو بوصفه "الابن الشرعي" للنادي، من يعرف أسراره وقيمه وتاريخه. ولكن من يعرف كرة القدم جيداً، يعلم أن العاطفة وحدها لا تكفي. فالتجربة علمتنا أن المعرفة بالنادي لا تعني النجاح تلقائياً، تماماً كما لم تعنِ لتشافي تحقيق المجد في برشلونة، رغم كل الترويج الإعلامي بأنه المنقذ.

تشافي غادر كامب نو بصمت، بعد أن اصطدمت آماله بواقع مرير، لم يترك له سوى ذكريات عابرة.

لا أشكك في كفاءة تشابي ألونسو ولا في موهبته التدريبية، بل العكس، جوارديولا نفسه قال إن "جميع المدربين الذين حظوا بتدريب تشابي كلاعب، كانوا يعرفون أنه سيصبح مدرباً عظيماً". ونتائجه مع ليفركوزن تؤكد ذلك: ثلاثية ألمانية، كرة جميلة، وذكاء تكتيكي نادر.

لكن، هناك ما يستحق التأمل. القرارات المصيرية، خصوصاً في كرة القدم، لا تُتخذ بدافع الحب أو الحنين، بل بحاجة إلى تخطيط عقلاني وبُعد نظر، ما يسميه الفلاسفة بـ"استبصار الشر"؛ أي التفكير بالنتائج السيئة المحتملة لتفادي المفاجآت.

علم النفس الإدراكي يخبرنا أن ثلاث انحيازات معرفية قد تعيق اتخاذ القرار السليم:

أولاً: تأثير التضييق، حين يُحصر التفكير في خيار واحد دون فتح الباب لاحتمالات أخرى.

ثانياً: انحياز التأكيد، حين ننتقي المعلومات التي تؤكد رغباتنا المسبقة ونتجاهل ما يعارضها.

ثالثاً: العاطفة قصيرة الأمد، حين نختار القرار الذي يرضي شغفنا اللحظي دون النظر لعواقبه البعيدة.

ولعل هذه الانحيازات الثلاثة تجتمع اليوم في رهان ريال مدريد على تشابي ألونسو، فالنادي قد يكون أغلق عينيه عن خيارات أخرى، مدفوعاً بعاطفة الجماهير وتاريخ اللاعب، بينما ألونسو نفسه قد يتخذ القرار مدفوعاً بأحلام الطفولة، لا بحسابات المستقبل.

وما بين احتمالية تكرار قصة زين الدين زيدان الذهبية، أو السقوط في فخ تجربة تشافي المؤلمة مع برشلونة، يقف تشابي ألونسو عند مفترق طرق.

الجواب؟ الزمن وحده من يملك حق الرد.

لكن السؤال الأهم الذي يجب أن يُطرح: هل ألونسو مستعد فعلاً لمواجهة عواصف مدريد؟


  أخبار ذات صلة