مشاركة 3 أندية سودانية بالدوري الرواندي
في خطوةٍ استثنائيةٍ تعكسُ روحَ التضامنِ الرياضيِّ في القارّةِ السمراءِ، أعلنَ الاتحادُ الروانديُّ لكرةِ القدمِ موافقتَهُ الرسميّةَ على مشاركةِ ثلاثةِ أنديةٍ سودانيةٍ في منافساتِ الدوريِّ المحليِّ خلال الموسمِ الرياضيِّ 2025-2026، وذلكَ في ظلِّ استمرارِ الأوضاعِ الصعبةِ التي يعيشُها السودانُ نتيجةً للحربِ الدائرةِ منذُ أكثرَ من عامٍ ونصفٍ. وأنَّ أنديةَ الهلالِ والمريخِ وأهلي ود مدني ستنضمُّ مؤقتًا إلى أنديةِ الدوريِّ الروانديِّ للمنافسةِ في الموسمِ الجاري، بعدَ أنْ تعذّرَ استئنافُ النشاطِ الكرويِّ في السودانِ بسببِ النزاعِ المسلّحِ بين الجيشِ السودانيِّ وقوّاتِ الدعمِ السريعِ. وأوضحَ الاتحادُ الروانديُّ في بيانٍ رسميٍّ أنَّ هذا القرارَ يأتي في إطارِ "تعزيزِ التكاملِ الإقليميِّ، ورفعِ مستوى التنافسِ في الكرةِ الإفريقيةِ، وبناءِ جسورِ تعاونٍ جديدةٍ بينَ الاتحاداتِ الوطنيّةِ". وأضافَ البيانُ أنَّ استضافةَ الأنديةِ السودانيةِ تمثّلُ "رسالةً إنسانيةً قبلَ أنْ تكونَ قرارًا رياضيًّا". ومن المنتظرِ أنْ يعتمدَ الاتحادُ الإفريقيُّ لكرةِ القدمِ (الكاف) الخطوةَ بشكلٍ رسميٍّ خلالَ الأيّامِ المقبلةِ، على أنْ يتمَّ تحديثُ جدولِ مبارياتِ الدوريِّ الروانديِّ لإدراجِ الفرقِ السودانيةِ الثلاثِ، علمًا بأنَّ المسابقةَ كانت قد انطلقت بالفعلِ وشهدت مرورَ أربعِ جولاتٍ من الموسمِ الجديدِ. ويقعُ السودانُ على بُعدِ نحو 2500 كيلومترٍ شمالَ رواندا، وتفصلُ بينَ البلدينِ أراضي جنوبِ السودانِ وأوغندا، ممّا يجعلُ هذه الخطوةَ اللوجستيةَ والتنظيميةَ تحدّيًا فريدًا من نوعِه على الصعيدِ الإفريقيِّ. وكانَ الهلالُ والمريخُ قد خاضا الموسمَ الماضي تجربةً مشابهةً في الدوريِّ الموريتانيِّ، حيثُ تألّقَ الهلالُ وتمكّنَ من بلوغِ ربعِ نهائيِّ دوري أبطالِ إفريقيا واحتلالِ صدارةِ الدوريِّ الموريتانيِّ، لكنَّه لم يُتوَّج باللقبِ لاعتباراتٍ تتعلّقُ بلوائحِ الاتحادِ المحليِّ، بينما أنهى المريخُ المنافسةَ في المركزِ السادسِ. وفي يوليو الماضي، أُقيمَ الدوريُّ السودانيُّ المصغّرُ بمشاركةِ ثمانيةِ أنديةٍ فقط لتحديدِ ممثّلي السودانِ قارّيًا، حيثُ تُوِّجَ الهلالُ باللقبِ وجاءَ المريخُ وصيفًا أمامَ أهلي ود مدني، في بطولةٍ أُقيمت خارجَ العاصمةِ الخرطومِ، التي لا تزالُ تعاني من دمارٍ واسعٍ بسببِ الحربِ، إذ احتضنت مدينتا عطبرةُ والدامرُ معظمَ المبارياتِ. ويأتي القرارُ الروانديُّ في وقتٍ يعيشُ فيه السودانُ واحدةً من أسوأِ الأزماتِ الإنسانيةِ في العالمِ، إذ تشيرُ تقديراتُ الأممِ المتحدةِ إلى مقتلِ أكثرَ من 150 ألفَ شخصٍ وتشريدِ قرابةِ 12 مليونًا منذ اندلاعِ النزاعِ في أبريل 2023، بينما يعيشُ نحو 25 مليونَ سودانيٍّ في حاجةٍ ماسّةٍ إلى المساعداتِ الإنسانيّةِ، وفقًا لتصريحاتِ الأمينِ العامِّ للأممِ المتحدةِ أنطونيو جوتيريش. ورغمَ المعاناةِ المستمرةِ، نجحَ المنتخبُ السودانيُّ في بلوغِ نهائياتِ كأسِ الأممِ الإفريقيةِ المقبلةِ في المغربِ، حيثُ سيواجهُ منتخباتِ الجزائرِ وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائيةِ ضمنَ المجموعةِ الخامسةِ، ويعتمدُ المنتخبُ على سبعةَ عشرَ لاعبًا من الدوريِّ المحليِّ الذي توقّفَ بسببِ الحربِ، إلى جانبِ محترفينَ في أنديةٍ إفريقيةٍ مختلفةٍ. يُذكرُ أنَّ نادي الجيشِ الروانديِّ يهيمنُ على منافساتِ الدوريِّ المحليِّ في السنواتِ الأخيرةِ بعدَ تتويجِه باللقبِ في الستةِ مواسمَ الماضيةِ، ومن المنتظرِ أنْ تضيفَ المشاركةُ السودانيةُ بُعدًا تنافسيًّا جديدًا للمسابقةِ، وفرصةً إنسانيةً تمنحُ الأملَ للاعبينَ والجماهيرِ السودانيةِ التي حُرمت من كرةِ القدمِ في وطنِها.