عودة الحياة إلى ملاعب السودان!

في لحظة طال انتظارها، عادت منافسات كرة القدم إلى السودان بعد أكثر من عامين من التوقف بسبب الحرب الأهلية الدامية، التي تركت البلاد في حالة من النزوح والفوضى. وتُنظَّم حالياً بطولة استثنائية تستمر لشهر واحد بمشاركة ثمانية أندية، لتحديد ممثلي السودان في البطولات القارية لموسم 2025-2026.  ورغم الجراح العميقة التي خلّفها الصراع المستمر منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص ونزوح ما يقارب 12 مليونًا، نجح اتحاد الكرة المحلي في إعادة بعض من الأمل إلى الجماهير عبر بطولة "النخبة السودانية"، التي تُقام في مدينتي الدامر وعطبرة، بعيدًا عن الخرطوم التي ما زالت ترزح تحت وطأة الدمار. الهلال والمريخ، قطبا الكرة السودانية التاريخيان، عادا إلى أرض الوطن بعد مشاركات خارجية اضطرارية، حيث وُجهت لهما الدعوة سابقًا للعب في الدوري الموريتاني نتيجة توقف النشاط الرياضي محليًا. وقد افتتح الهلال مشواره بانتصار على الميرغني كسلا، فيما تجاوز المريخ نظيره أهلي مدني بهدف دون رد، لتضرب جماهير الكرة موعدًا مرتقبًا بين الغريمين في قمة الجولة السابعة والأخيرة، المقررة يوم 22 يوليو الجاري. وتضم البطولة أيضًا أندية الزمالة، أم روابة، الأمل عطبرة، حي الوادي نيالا، والمريخ الأبيض، حيث تلعب الفرق بنظام الدوري من دور واحد، في محاولة لخلق منافسة رياضية مؤقتة وسط واقع مأزوم، لكن مفعم بالإرادة. وعلى صعيد المنتخبات، لم يخض المنتخب السوداني أي مباراة رسمية على أرضه منذ مارس 2023، إلا أنه يستعد للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية المقبلة بالمغرب، كما يطمح لبلوغ نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخه، وهو هدف يبدو بعيدًا في ظل الظروف الحالية، لكنه لا يزال حاضرًا في وجدان الجماهير واللاعبين على حد سواء. رغم الألم والمآسي، تثبت كرة القدم في السودان مجددًا أنها ليست مجرد لعبة، بل أداة مقاومة ونافذة أمل تُطل منها البلاد على العالم، بحثًا عن الاستقرار والعودة إلى الحياة.


  أخبار ذات صلة